احمد خالد توفيق

آخر الأخبار

الأربعاء، 7 سبتمبر 2016

احمد خالد توفيق

تذكرت قصة جميلة لأندريه موروا تحكي عن فنان مبدع مغمور لا يبيع لوحة واحدة من لوحاته. زاره صحفي من أصدقائه فرقَّ لحاله، واقترح عليه أن يدعي أنه ابتكر أسلوباً جديداً في الفن اسمه (الطريقة النفسية التحليلية).
''هل يمكنك أن ترسم لي بعض اللوحات التي تحوي كلاماً فارغاً؟ مثلاً، امرأة جميلة وحولها أوراق مالية كناية عن حب المرأة للثراء. أو رجلاً بديناً متأنقاً حوله دموع ودم كناية عن أغنياء الحرب... هل تستطيع ذلك؟''.
''بالتأكيد''.
''إذن نفذ عشر لوحات بهذه الطريقة وسوف أكتب أنا مقالاً عن طريقتك العبقرية وعن معرضك المقبل''.
وهكذا أنجز الفنان هذا الكلام الفارغ في ليلة واحدة، وجاء يوم المعرض الذي احتشدت باريس كلها لتراه. كان هناك حشد من النقاد الفنيين، فقال الصحفي للفنان:
''لا تخف... كلما سألك أحدهم عن معنى (الطريقة النفسية التحليلية) اكتف بأن تنفث دخان الغليون في وجهه، وقل: هل تأملت في حياتك نهراً؟، سوف يتظاهرون بأنهم فهموا!''.
نفذ الفنان التعليمات. كلما التف حوله نقاد أو صحفيون وسألوه عن مغزى أسلوبه، نفث الدخان في وجوههم وقال: ''هل تأملتم في حياتكم نهراً؟''.
هكذا يصيحون في انبهار:
''هذا صحيح... يا له من عبقري!''.
انتهى المعرض بعدما بيعت اللوحات بثمن باهظ. وصار الفنان أهم فنان في باريس.
جاءه الصحفي ضاحكاً بعد رحيل الناس وقال:
''هل رأيت كيف خدعنا هؤلاء القوم بلوحاتك عديمة القيمة؟''.
نظر له الفنان في حزم وقال:
''هل أفهم من هذا أنك تنتقد طريقتي النفسية التحليلية؟''.
صاح الصحفي في غيظ:
''هلم!... لا تصدق نفسك. أنت تعرف أنه لا يوجد شيء اسمه (الطريقة النفسية التحليلية)''.
هنا نظر له الفنان طويلاً ثم نفث دخان الغليون في وجهه وقال:
''هل تأملت في حياتك نهراً؟!!!''.

__
د. أحمد خالد توفيق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لـashtya8
تعريب وتطوير ( احمد ناصر ) Designed By