علم_الميتافيزيقيا

آخر الأخبار

الأحد، 12 فبراير 2017

علم_الميتافيزيقيا

هذا مقال مختصر عن الميتافيزيقيا ، العلم الذي نسمع عنه دائماً ولا نعرفه ، وقد جاء المقال على هيئة أسئلة حتى يكون أقرب للفهم . والأسئلة التي يجيب عليها هي :
ما هي الميتافيزيقيا ؟
متى أطلق هذا الاسم عليها ؟ ومن أطلقه ؟ وما معناه ؟
هل تستخدم الميتافيزيقيا التجربة ؟
هل الميتافيزيقيا هي الفلسفة الأولى ؟
ما معنى أن الله هو العلة الأولى للوجود ؟
ما هي موضوعات الميتافيزيقيا ؟
هل للميتافيزيقيا تقسيم كسائر العلوم ؟ ما هي تقسيماتها عن وجدت ؟
هل تم الاعتراض على الميتافيزيقية ؟
هل هناك ميتافيزيقيين مسلمين ؟
المقال
ما هي الميتافيزيقيا ؟
الميتافيزيقيا باختصار كانت تطلق على مجموعة البحوث والمقالات التي كتبها أرسطو باللغة اليونانية في عدة كتب ، ثم جمعت في كتاب واحد ، وأصبحت فيما بعد علم يطلق عليه هذا الاسم .
متى أطلق هذا الاسم عليها ؟ ومن أطلقه ؟ وما معناه ؟
لم يعرف فلاسفة اليونان هذا الاسم ، ولم يظهر في عصرهم . بل ظهر غي العصر الذي يليه المسمى ( الهلنيستي ) في العام الستون قبل الميلاد تقريباً ، عندما قام أندرونيقوس الرودسي ، رئيس المدرسة المشّائية في روما ( المدرسة المشّائية هي المدرسة الأرسطية ، والسبب في هذه التسمية أن من عادة أرسطو حينها أن يمشي في المدرسة التي أنشأها في ملعب رياضي يسمى اللوقيون ، فيأتي إليه تلاميذه ليلقي عليهم دروسه وهو يمشي في الحديقة ) بتصنيف كتب أرسطو وترتيبها وشرحها ، وأثناء ذلك وجد أن مجموعة تلك البحوث والكتب لم يطلق عليها أي اسم ، وأنها جاءت بعد مجموعة البحوث التي كتبها في الطبيعة ( الفيزيقيا ) ، فسماها ( ميتا ) أي ما بعد ، ليصبح اسمها ( ميتا..فيزيقيا ) أي ( ما بعد الطبيعة ) . والقصد أنها مجموعة الكتب البحوث التي تلت كتب الطبيعة . ولم تكن كلمة ( ميتافيزيقيا ) تحمل أي إشارة إلى مضمون تلك البحوث ، بل هي ما بعد طبيعة أرسطو فحسب ، ثم أصبحت فيما بعد ( مصادفةً ) تشير إلى المضمون ، بعد أن أصبح هذا العلم يهتم بكل ما تجاوز الظواهر المحسوسة .
هل تستخدم الميتافيزيقيا التجربة ؟
الميتافيزيقيا علمٌ قائمٌ على العقل ، لا تدخل فيه التجربة .
هل الميتافيزيقيا هي الفلسفة الأولى ؟
نعم . فاسم ( الفلسفة الأولى ) كان أرسطو يطلقه على مجموعة البحوث الميتافيزيقية ويرى أنها المبادئ الأولى والعلل البعيدة التي تشمل جميع المبادئ الأخرى . فهي أشمل العلوم وأكثرها يقيناً وتجرداً لأن موضوعها النهائي هو العلة الأولى أو المبدأ الأول . وهو أشرف الموضوعات وهو : الله .
ما معنى أن الله هو العلة الأولى للوجود ؟
حينما نقول أن الميتافيزيقيا تبحث عن العلل في الموجودات وسبب وجودها ، وننتقل من علة إلى أخرى أعلى منها ، ونعلم أنه من المستحيل أن تكون العلل لا متناهية ، بل لابد أن تكون هناك علة أولى أزلية تشترك فيها جميع الموجودات ، وهو الله . ومن هنا تنشأ العلاقة بين الميتافيزيقيا واللاهوت وهو علم الآلهة .
ما هي موضوعات الميتافيزيقيا ؟
لابد أن نعرف أن موضوعات الميتافيزيقيا تطورت مع الزمن ،ولكنها في الأساس ، وحسب تعريف أرسطو : البحث في الوجود بما هو موجود . ويعني هذا أن نبحث عن الحقيقة الغائبة من خلال ما هو حاضر أمامنا . مثلاً : أمامك حجر ، فهو موجود ، ولكنك لا تبحث فيه وتحلله وتسجل خواصه ، بل تثير الأسئلة التي تكشف الحقيقة الكامنة خلفه . ما أصله ؟ كيف تكون ؟ ما هي مادته الأولية ؟ وهكذا .
ثم امتد مجال الميتافيزيقيا في الفلسفة الحديثة ( 1588 – 1776 م ) ليشمل نظرية المعرفة . وقد اهتم الفلاسفة المعاصرين بمشكلة المعرفة وطرحوا حولها العديد من الأسئلة : ما مصادر المعرفة ؟ أهي الحواس أم العقل ؟ أم إلى حاسة سادسة ؟ وهل تستطيع قدراتنا وملكاتنا أن تعرف كل شيء ؟ وغيرها من الأسئلة التي تشكل مشكلة المعرفة . وبذلك تنشأ علاقة وثيقة بين نظرية الوجود ونظرية المعرفة ، حيث أن البحث في الطبيعة الحقيقية يستلزم البحث في قدرتنا المعرفية . وفي هذا المجال تحدث الكثير من الفلاسفة الوجوديون عن فكرة الوجود . ما هو ؟ أين أنا ؟ كيف جئت ؟ ماذا سيحدث بعد ذلك ؟ وشمل البحث الموت وأثيرت حوله التساؤلات ، بل وقالوا إن الموت يتبع مع الجميع سياسة ديمقراطية تقوم على المساواة المطلقة إن صح التعبير ، فهو لا يميز بين أحد وآخر مهما كان . وأن طبيعة الموت متناقضة ، لأنه يجمع بين اليقين وعدم اليقين ، فأنت تعلم يقيناً أنك ستموت ، ولكنك لا تعلم أبداً متى ستموت . ومتناقض لأنه نهاية وبداية في نفس الوقت .وأنه حرية وقيد .
وإذا كانت الوجودية قد اهتمت بالحياة والموت فإنها اهتمت أيضاً بالحب ، والقلق ، والخوف ، وقالت إن القلق هو الخوف من مجهول ، وبالحرية ، والاختيار والمسئولية والالتزام والذنب والضمير وتحقيق الذات وبالجسد والوجود الزائف .
وهكذا نجد أن موضوعات الميتافيزيقيا ومشكلاتها لم تقف جامدة ، بل كانت تتغير وتتطور طوال تاريخها ، ولكن هناك مشاكل دائمة ظلت ملازمة لها طوال حياتها مثل : مشكلة النفس وعلاقتها بالبدن ومشكلة وجود الله والأدلة على وجودة ومشكلة الزمان والمكان والجوهر والمادة والسببية والكليات والجزئيات والتغير والهوية الشخصية .
هل للميتافيزيقيا تقسيم كسائر العلوم ؟ ما هي تقسيماتها عن وجدت ؟
نعم . للميتافيزيقيا تقسيم واضح منذ نشأتها ، ولكن لم يقسمها أحد حتى القرن السابع عشر ميلادي حيث قسمها كريستيان فولف الفيلسوف التنويري الألماني . وقد قسّمها كالتالي :
1- القسم الأول : الأنطولوجيا أو نظرية الوجود :
وقد تحدثنا عن ذلك وكيف أن أرسطو كان يبحث في الوجود بما هو موجود وثم تطورت لنظرية المعرفة حتى ظهرت الوجودية الحديثة والتي تهتم بالوجود البشري .
2- القسم الثاني : السيكولوجيا العقلية :
وهي تهتم بدراسة النفس البشرية ، هل هي بسيطة أم معقدة ؟ هل هي نفس واحدة أم عدة أنفس ؟ وما العلاقة بينها ؟ وما الفرق بين النفس والروح ؟ وما علاقة الروح بالبدن ؟ وكيف تتحول الأمور النفسية إلى مادية ؟ ( مثل احمرار الوجه عند الخجل ) . وما مصير النفس بعد الموت ؟ وكيف تعاقب النفس بعد الموت ؟ وغيرها من الأسئلة .
3- القسم الثالث : الكسمولوجيا أو الكونيات :
ويشمل العالم وظهور الكون ومم يتألف ؟ وما هي الحياة ؟ وما أصلها ؟ ويدرس كذلك الأزل والزمان والمكان والغائية ( وهي البحث في غاية الحياة ) .
4- القسم الرابع : اللاهوت العقلي أو الطبيعي :
وهو يناقش موضوع الألوهية والأدلة على وجود الله وصفاته ، وانقسم الفلاسفة فيه إلى ثلاثة أقسام :
· مذهب التأليه :وهم يؤمنون بوجود الله ، بعضهم موحدين وبعضهم مشركين يقولون بتعدد الآلهة .
· مذهب الطبيعيين الإلهي : يقولون هناك إله ، ولكنهم ينكرون الوحي والرسل ، ويقولون بأن العقل قادر على معرفة الله دون رسل .
· مذهب الإلحاد : وهم ينكرون الألوهية بكل صورها . وكان الغزالي يسميهم الدهريين أو الزنادقة ومنهم ماركس ونيتشه وسارتر .
هل تم الاعتراض على الميتافيزيقية ؟
نعم . قامت العديد من المشاكل والانتقادات على هذا العلم على مر العصور خصوصاً في العصر الحديث وكانت أبرز الملاحظات هي :
· الميتافيزيقيا مستحيلة ، فالأسئلة التي تطرحها مستحيلة الإجابة .
· لم يعد للميتافيزيقيا مكان بعد تطور العلوم التجريبية .
· أن قدراتنا كبشر ، لا تتعدى الظاهر . ومن الصعب الحكم على الغيبيات بالقطع .
· الميتافيزيقيا عديمة الجدوى .
· مشكلات الميتافيزيقيا لا تتغير .
وقد قام أنصار هذا العلم بتفنيد كل الانتقادات والرد عليها ، والمجال لا يتسع لذكر الردود .
هل هناك ميتافيزيقيين مسلمين ؟
نعم . وهم كثر ، وقد تناولوا العلم بأوجه مختلفة . ونذكر هنا أشهرهم على سبيل المثال لا الحصر :
1- الكندي ( 801 – 865 ) م : وهو أبو يوسف يعقوب بن اسحق الكندي ، فيلسوف العرب ، وهو أول من حاول التوفيق بين الفلسفة والدين ، ملخص مذهبه أن العالم مخلوق لله ، وأن أحداث الكون يرتبط بعضها ببعض ارتباط العلة بالمعلول ، وأن النفس جوهر بسيط هبط من عالم العقل إلى عالم الحس ، وبمفارقتها للبدن تشهد الحقائق وتستشعر اللذة ، والحواس وسيلتنا إلى إدراك الجزئيات التي لا تشكل علماً حقيقياً ، لذلك كان العلم هو علماً بالكلي الذي يدركه العقل ( وهو ما ذهب إليه أرسطو ) ، ولابد أن ننوه بان الكندي بدأ حياته الفكرية متصلاً بالمعتزلة مشاركاً في نقاشاتهم .
2- الفارابي : ( 870 – 950 ) م : وهو أبو نصر الفارابي الملقب ( بالمعلم الثاني ) على اعتبار أن أرسطو هو ( المعلم الأول ) ، وقد ألف مجموعة كبيرة من الرسالات والكتب والشروح في المنطق وما بعد الطبيعة ، وشرح سائر مؤلفات أرسطو ، وألف كذلك في الموسيقى والشعر وعلم النفس والأخلاق والسياسة .
3- ابن سينا : ( 980 – 1037 ) م : وهو أبو علي الحسن بن عبدالله بن سينا الملقب ( بالشيخ الرئيس ) ، كتب في المنطق الرياضي والطبيعي والإلهيات والحكمة والعشق وغيرها ، كان مسايراً لأرسطو في فهمه للميتافيزيقيا .
4- ابن رشد ( 1126 – 1198 ) م : وهو محمد بن أحمد بن محمد ابن رشد يلقب ( بالحفيد ) تمييزاً له عن أبيه وجده العالمان ، ألف كتباً في الطب ولخص كتاب ( الخطابة والأخلاق لأرسطو ) وغيرها من الكتب . وقد كانت ميتافيزيقية ابن رشد قائمة بذاتها منفصلة عن ميتافيزيقية أرسطو ، وقد رد على الإمام الغزالي في تكفيره للفلاسفة في مسائلٍ ثلاث : قِدَم العالم – علم الله بالجزئيات – إنكار بعث الأجساد ، وقال بأن كلام الفلاسفة لا يعارض ما جاءت به الشريعة الإسلامية بل تثبتها ولكن بطريقة أخرى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لـashtya8
تعريب وتطوير ( احمد ناصر ) Designed By